تصريح نتنياهو إرتباطه برؤية اسرائيل الكبرى




إعلان نتنياهو ارتباطه العميق برؤية إسرائيل الكبرى كشف المبدأ المؤسس الذي تتحرك على هداه آلة الاحتلال، وأزاح الغطاء عن حقيقة الصراع الذي يتجاوز حدود المواجهات اليومية ليبلغ جذور الفكرة الصهيونية ذاتها. 




ما تشهده غزة من حصار وتجويع وقصف وتهجير هو الممارسة الواقعية لهذه العقيدة التوسعية، التي ترى الأرض فضاءً للاستحواذ الكامل، والشعب الفلسطيني عقبة ينبغي محوها من الوجود. 

كل قافلة إغاثة تُمنع، وكل مزرعة تُدمَّر، وكل بيت يُهدم، هو خطوة محسوبة في خطة إحلالية تتغذى على القوة العارية وتستند إلى غطاء دولي متواطئ.

المفاهيم التي يروّجها الاحتلال تحتاج إلى محكمة ضمير، فالأمن الذي يُبنى على أنقاض شعب لا يملك معنى شرعيًا، والسلام الذي يمر فوق أطلال المدن المهدّمة ليس إلا تثبيتًا لهيمنة المعتدي، والشرعية التي تُمنح لسلطة احتلال هي إنكار لجوهر العدالة. 

هذه المفاهيم تُباع للعالم بلغة دبلوماسية مصقولة، بينما تُنفّذ على الأرض بمدافع الطائرات وسلاح الحصار.

الوعي الجمعي مطالب بقراءة التصريحات كما تُقرأ الخرائط، فالخصم يعلن وجهته بلا مواربة، ويخطط لامتداد جغرافي يتخطى كل الخطوط المرسومة. 

والأسئلة التي يجب أن تُطرح على الضمير العام أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى : ما المشروع المقابل ؟ 
ما الأداة التي تحوّل الحق إلى قوة قادرة على الصمود والردع ؟ 
من يملك الإرادة السياسية لتجاوز التشتت وبناء موقف موحّد؟

الزيف لا ينهار إلا تحت ضغط الحقيقة الواضحة والإرادة الحرة، وغزة بصمودها وهي في قلب الإعصار، تضع العالم أمام صورته الحقيقية، وتختبر صدقية القيم التي يتشدّق بها كل صمت يمنح الاحتلال مزيدًا من المساحة لتنفيذ مشروعه، وكل تواطؤ يغذّي العقيدة التي أعلنها زعيمه صراحة. والرهان على انكسار غزة رهان على سقوط آخر الحصون الأخلاقية في هذه المعركة الممتدة.

غزة، اسرائيل_الكبرى، التجويع، خان يونس